الثلاثاء، 15 فبراير 2011

قطرة مطر فى محيط مالح


عندما اقتربت الساعة من الثالثة فجرا كانت عقارب الساعة تفزعنى و تصمم ألا يعرف النوم طريقه الى جفونى ، كان الجميع فى نوم عميق بينما كنت ساهرا أفكر حتى كرهت التفكير ، فالأيام تمر كأشباح متشابهة منذ تخرجت من الجامعة وكأن فرصة العمل تحولت الى قطرة مطر سقطت فى محيط مالح، كنت أخوض كل يوم هذا المحيط المالح فتلطمنى أمواجه حينا وتبلعنى حيتانه حينا اخر كنت اذهب خلف كل اعلان فى صحيفة وكاننى ذاهب الى دجال كي يضرب الودع و يقدح البخور ويقرا المستور   لا تتعجب يا من تسمعنى فالبحث عن قطرة المطر فى المحيط ليس امرا سهلا  وليت هذا الدجال او ذاك قد وجد القطرة او حتى وصف مكانها
فى الصباح كنت اهيم مع صديق لى فى الشوارع الواسعة عندها عض الجوع بانيابه الحاده لفائف معدتى الغليظة ، لم اجد للجوع شيئا يهدئ ثورته الا رغيف الفول ، افرغت ما فى جيبى  قلت : يا سلام للفول نصيب ان يدخل خلاط معدتى اليوم اكلت بشهية مفتوحة وبينما امسكت الجريدة رحلت عيناى فى رحلة السطور  فوجدت اعلانا جديدا   لا اعلم لماذا تذكرت ان الاشياء المهملة يمكن ان تصنع حظا وافرا ؟  لماذا لا اذهب الى ذلك العمل لعلى اعثر على قطرة المطر تلك فاملك الدنيا ، وابحر فى تيار الامل ؟ اسرعت الى والدى اعطانى بضعة جنيهات فى القطار رايت هائما جديدا يبحث عن قطرة المطر ولكنه يستدرها من الفتات الذى يجود به الناس عليه  تاملت فى هذا الشحات ووجدتنى اعرفه  نعم انه يوسف كان يكبرنى بعامين و تخرج فى نفس كليتى صحت : ( يوسف ) لمحنى بعين ذابلة جرى بسرعة بعيدا  لم اتمالك نفسى ابحرت خلفه بسرعة ، توقف القطار ، نزلت خلفه  صحت : ( يوسف لا تخف ) وقف مستسلما  وقبل ان ابادره بكلمة واحدة وجه لى قنبلة فى وجهى صائحا :( ماذا تريد منى ؟ انت تعرف الحال لا اعمل لا مال لا حب لا امل ماذا افعل ؟ ) وجدتنى انظر الى الطريق امامى دون ان اجيبه  مضى بسرعة ، وهو يصيح : ( دعنى اغرق فى محيط الحياة ) ، ( يا له من بائس ) رددت بينى وبين نفسى ، لكننى رايت صورتى بعد قليل فى مراة احد الدكاكين و كاننى يوسف   ايقظت نفسى بسرعة قائلا : ( هناك فرق كبير بينى وبينه ) وصلت الى مكان العمل اخذوا جنيها ثمنا لاستمارة البيانات الشخصية ، رددت فى اعماقى : ( يا له من دجال رذيل ) لفت نظرى شاب كانه غنى   نعم   يشبه الاغنياء ، اطلت النظر اليه  فجاه ادخله الموظف قبل المتقدمين جميعا  خرج بعد قليل يرفل فى ثيابه كانه يركب السحاب ، همس الموظف فى اذنى : ( هذا من وقع اختيارهم عليه )  صحت ساخرا : (الرجل المناسب فى المكان المناسب) وعندما خرجت من المكان قلت لنفسى :(نعم هناك فرق كبير بينى وبين يوسف لكن الفرق فى صالحه هو، وليس فى صالحى انا) عندئذ قررت الا يكون يوسف افضل منى، سافعل مثله، نعم ، وساغرق فى محيط الحياة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق