(إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة المصرية لتحقيق مبادئ الحوكمة - شوط كبير نحو الإستدامة)
مقدمة:
تعد الحوكمة الرشيدة عمودا أساسيًا لتحقيق التنمية المستدامة والاستقرار السياسي والإقتصادي في أي دولة. ومن أجل تحقيق هذه الحوكمة الرشيدة في وطننا الغالي، يتعين إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة المصرية. إن هذه الخطوة ضرورية لتعزيز مبادئ الشفافية، ومكافحة الفساد، وتعزيز الكفاءة، وتحقيق التوازن بين السلطات، وضمان تقديم الخدمات العامة بطريقة فعالة وفاعلة.
لذا سنستعرض معا في هذا المقال توصيف الوضع الحالي والتوصيات والجهود المطلوبة للوصول للشكل المنشود للدولة.
يعاني الجهاز الإداري في الدولة المصرية من العديد من الضعف والتحديات التي تعوق تحقيق الحوكمة الرشيدة. من بين هذه التحديات، يمكننا ذكر التالي:
1. البيروقراطية والتعقيد: يعاني الجهاز الإداري من البيروقراطية المفرطة وزيادة التعقيد في الإجراءات والأنظمة، مما يعوق عملية صنع القرار وتنفيذ السياسات بشكل فعال وسريع.
2. الفساد: يعتبر الفساد مشكلة كبيرة في الجهاز الإداري المصري، ويؤثر سلبًا على الثقة بين المواطنين والحكومة، ويعيق تحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية.
3. قلة المشاركة والشفافية: يعاني الجهاز الإداري من قلة المشاركة وعدم الشفافية في صنع القرارات، مما يقوض الثقة العامة ويقيد حق المواطنين في المشاركة الفعالة في عملية صنع القرار.
أهمية إعادة هيكلة الجهاز الإداري:
إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة المصرية ضرورية للعديد من الأسباب، بما في ذلك:
1. تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد: يعد تحسين هيكلة الجهاز الإداري أحد الأسس الرئيسية لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية. ينبغي أن يتم تحسين إجراءات الرقابة والمساءلة وتعزيز النزاهة في جميع مستويات الجهاز الإداري، وذلك من خلال تبني تطبيق كافة البنود الواردة في الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في عملية صنع القرار وتنفيذ السياسات.
2. تعزيز الكفاءة والفعالية: يعمل الجهاز الإداري المصري في العديد من القطاعات والمجالات، ومن المهم أن يكون قادرًا على تقديم الخدمات العامة بكفاءة وفعالية. يجب إعادة هيكلة الجهاز الإداري بحيث يتم تحديد الأهداف الواضحة وتوزيع المهام والمسؤوليات بشكل مناسب، وتعزيز التدريب وتطوير الموظفين، واستخدام التكنولوجيا الحديثة لتحسين أداء الإدارة.
3. تحقيق التوازن بين السلطات: يعتبر تحقيق التوازن بين السلطات من أهم مبادئ الحوكمة الرشيدة. ينبغي أن يكون الجهاز الإداري قائمًا على نظام يضمن استقلالية السلطات وتوازنها، وذلك من خلال توزيع الصلاحيات والمسؤوليات بشكل عادل وفاعل.
4. تعزيز المشاركة المجتمعية: يعد تعزيز المشاركة المجتمعية أحد عناصر الحوكمة الرشيدة. يجب أن يتم تشجيع المواطنين والمجتمع المدني على المشاركة الفعالة في صنع القرار ومراقبة الأداء الحكومي. ينبغي تعزيز التواصل والتعاون بين الجهاز الإداري والمجتمع المدني، وإنشاء آليات للاستماع إلى احتياجات ومطالب المواطنين، وتضمين آليات لتقديم الشكاوى والملاحظات وتلقيها بصورة فعالة.
5. تعزيز الابتكار والتطوير: يجب أن يكون الجهاز الإداري قادرًا على التكيف مع التحديات الجديدة وتبني الابتكار والتطوير في سياق تقديم الخدمات العامة. ينبغي تشجيع الابتكار وتطبيق التكنولوجيا الحديثة في عمليات الإدارة وتحسين الأداء الحكومي وتحقيق التكلفة المناسبة.
6.تأثير إعادة الهيكلة علي الإقتصاد المصري والموارد: مما لا شك فيه سينعكس أثر إعادة الهيكلة علي أداء الإقتصاد و سيكون له مردوده في إرتفاع المؤشرات الاقتصادية الدولية الخاصة بمصر وهو ما سيؤدي بنهاية المطاف لتعظيم الأثر ومضاعفته عدة مرات، ويتضح لنا أهمية ذلك بمتابعة ما قام به فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي بإعادة تشكيل المجلس الأعلي للإستثمار متخطيا بذلك الهيكل الحالي الذي يشوبه البيروقراطية والتعقيد وقد يكون من مداخل الفساد، لذا وجب التدخل الرئاسي لإعادة الهيكلة ولأخذ خطوات جادة نحو جذب الإستثمار وضمان إستدامته.
أما عن خطوات إعادة هيكلة الجهاز الإداري:
لتحقيق هذه الأهداف، يمكن اتخاذ الخطوات التالية لإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة المصرية:
1. تقييم الحاجات والتحليل: يجب أولاً تقييم الحاجات الحالية للجهاز الإداري وتحليل القضايا والتحديات الموجودة. يتضمن ذلك تحليل البنية التنظيمية الحالية والعمليات والأنظمة والموارد البشرية المتاحة.
2. وضع رؤية استراتيجية: يجب وضع رؤية استراتيجية لإعادة هيكلة الجهاز الإداري بناءً على التحليل السابق. ينبغي تحديد الأهداف والمبادئ التوجيهية والإجراءات المطلوبة لتحقيق هذه الرؤية وهو ما تم بالفعل منذ إطلاق رؤية مصر 2030.
3. إعادة تصميم البنية التنظيمية: يجب أن يتم إعادة تصميم البنية التنظيمية للجهاز الإداري بناءً على الرؤية الاستراتيجية. ينبغي تحديد الوحدات الإدارية والصلاحيات والمسؤوليات لكل وحدة، وتحسين التنسيق والتعاون بين الوحدات المختلفة. يمكن أيضًا أن يتضمن إعادة تصميم البنية التنظيمية تجديد الإدارات أو الإلغاء الجزئي لبعض الوحدات التي تكون غير فعالة.
4. تطوير سياسات وإجراءات جديدة: ينبغي أن تتم مراجعة وتطوير السياسات والإجراءات الحالية للجهاز الإداري، بما في ذلك سياسات الموارد البشرية والمالية والعمليات. يجب أن تكون هذه السياسات والإجراءات متوافقة مع مبادئ الحوكمة وتعزز الشفافية والمساءلة وتضمن حداثة الإجراءات وملائمتها للزمن الحالي.
5. تعزيز التدريب والتطوير: يجب أن يتم تعزيز التدريب والتطوير المستمر للموظفين في الجهاز الإداري، لتعزيز كفاءتهم وتحسين أدائهم. يمكن تقديم برامج تدريبية لتطوير المهارات الإدارية والقيادية وتعزيز الوعي بمفاهيم الحوكمة ومكافحة الفساد.
6. تعزيز التكنولوجيا والابتكار: يجب استخدام التكنولوجيا والابتكار في تحسين أداء الجهاز الإداري وتسهيل تقديم الخدمات العامة. ينبغي تطبيق أنظمة المعلومات والاتصالات المتقدمة واستخدام الحلول الرقمية لتبسيط العمليات وتحسين التواصل والتعاون.
7. تعزيز المراقبة والتقييم: يجب وضع آليات فعالة لمراقبة وتقييم أداء الجهاز الإداري. ينبغي تحديد مؤشرات الأداء الرئيسية وإجراء تقييم دوري لقياس التقدم وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين.
وفي الختام أرجو أن تكون قد إتضح أن إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة المصرية ضرورية لتحقيق مبادئ الحوكمة الرشيدة. وأن من خلال تحسين هيكلة الجهاز الإداري، يمكن تعزيز الشفافية، ومكافحة الفساد، وتعزيز الكفاءة، وتحقيق التوازن بين السلطات، وتحقيق تقديم الخدمات العامة بطريقة فعالة وفاعلة.
لذا يجب أن يتم اتخاذ خطوات حاسمة لإعادة هيكلة الجهاز الإداري في مصر. ويجب أن تكون هذه الخطوات شاملة ومنسقة ومدروسة جيدًا. يجب أن تتضمن هذه الخطوات التقييم الشامل للحاجات والتحليل، ووضع رؤية استراتيجية مستقبلية، وإعادة تصميم البنية التنظيمية، وتطوير سياسات وإجراءات جديدة، وتعزيز التدريب والتطوير، وتعزيز التكنولوجيا والابتكار، وتعزيز المراقبة والتقييم.
وباعتبار كيان هام مثل تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين علي سبيل المثال لا الحصر جزء من نسيج المجتمع المصري يدرك مسؤولياته تجاه وطنه، ويرغب في المضي قدما وترتيب الصفوف وعيا بقضايا الوطن، يجب أن تعمل على تشجيع ودعم هذه الإصلاحات والخطوات المهمة. يجب أن تسعى لتعزيز الوعي والمشاركة الشبابية في عملية صنع القرار والحوكمة و المساهمة من خلال تقديم مقترحات وأفكار لتحسين هيكلة الجهاز الإداري وتحقيق مبادئ الحوكمة في مصر.
في النهاية، إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة المصرية هي عملية تحتاج إلى التزام وجهود مستمرة من جميع الأطراف المعنية. إذا تم تنفيذها بشكل صحيح، فإنها ستسهم في تعزيز الحوكمة الرشيدة وتحقيق التنمية المستدامة في مصر.
====
قلم: د/أحمد محمود العزب
